قد يؤثر الصرع على النساء بصورة مختلفة عن الرجال بسبب التباينات البيولوجية والهرمونية بين الجنسين، والسبب الرئيسي لذلك يعود إلى تأثيرات الهرمونات الأنثوية على قابلية الدماغ لحدوث النوبات الصرعية. تعد هرمونات مثل الإستروجين والبروجسترون من العوامل المهمة التي تؤثر على تنظيم نشاط الخلايا العصبية، مما يؤدي إلى اختلاف في تواتر النوبات الصرعية حسب الدورة الشهرية والحمل.
النوبات الصرعية الحيضية
في العديد من الحالات، يُلاحظ أن النوبات الصرعية تزداد أو تحدث بشكل متكرر لدى بعض النساء بالتزامن مع الدورة الشهرية. يُطلق على هذه الحالة اسم النوبات الصرعية الحيضية، وهي تحدث نتيجة للتغيرات الطبيعية في مستويات الهرمونات خلال الدورة الشهرية، خاصة هرموني الإستروجين والبروجسترون.
يُعتبر الإستروجين محفزًا للنشاط الكهربائي في الدماغ، مما يزيد من احتمالية حدوث نوبات الصرع. في المقابل، البروجسترون له تأثير مهدئ حيث يعمل كمثبّط للنشاط الكهربائي المفرط. يختلف تركيز هذين الهرمونين خلال المراحل المختلفة للدورة الشهرية، مما يجعل النساء أكثر عرضة للنوبات في فترات معينة. تختلف طبيعة هذا التأثير من امرأة إلى أخرى؛ فقد تعاني بعض النساء من نوبات في بداية الدورة الشهرية أو في الأيام القليلة التي تسبقها، بينما قد تلاحظ أخريات زيادة في النوبات في منتصف الدورة.
استراتيجيات العلاج: ينصح الأطباء النساء المصابات بالصرع بتسجيل مواعيد نوبات الصرع بالتزامن مع الدورة الشهرية لفهم العلاقة الزمنية بينهما بشكل أفضل. إذا تم التأكد من وجود نمط معين للنوبات يرتبط بالدورة الشهرية، يمكن التفكير في خيارات علاجية مختلفة تهدف إلى تقليل حدوث النوبات أو منعها في هذه الفترات الحساسة. تلك بعض الخيارات التي يمكن مناقشتها مع الطبيب:
- استخدام وسائل منع الحمل الهرمونية كوسيلة للسيطرة على الهرمونات والتقليل من التغيرات التي قد تؤدي إلى نوبات صرعية.
- زيادة جرعة الدواء المضاد للصرع خلال الفترة التي تسبق الحيض أو في بدايته للحد من تأثير التغيرات الهرمونية.
- وصف دواء إضافي مضاد للصرع بشكل مؤقت خلال فترة الدورة الشهرية إذا كانت النوبات أكثر شدة أو تكراراً.
- العلاج الهرموني بالبروجستين، والذي قد يُستخدم لتثبيت مستويات البروجسترون وتحقيق توازن هرموني أفضل للحد.
الصرع والحمل
الصرع والحمل:
بالنسبة للحمل، يجب تؤخذ عدة عوامل بعين الاعتبار لضمان سلامة الأم والجنين. الصرع والحمل يتطلبان خطة علاجية دقيقة وتعاونًا وثيقًا بين طبيب الأعصاب وأخصائي أمراض النساء لضمان أفضل النتائج.
التخطيط للحمل:
يفضّل أن يتم التخطيط للحمل عند النساء المصابات بالصرع بعد تحقيق السيطرة الكاملة على النوبات الصرعية باستخدام الأدوية المناسبة. يكون الحمل أكثر أماناً عندما تكون المرأة في حالة استقرار ولا تعاني من نوبات متكررة، مما يقلل من خطر حدوث مضاعفات أثناء الحمل. من المهم أيضاً أن تتحدث المرأة مع طبيبها قبل الحمل حول اختيار الدواء المناسب، حيث أن بعض أدوية الصرع قد تشكل خطورة على الجنين، وقد تزيد من احتمالية حدوث تشوهات خلقية.
الأدوية وفيتامينات الحمل:
من المعروف أن بعض الأدوية المضادة للصرع قد تزيد من خطر التشوهات الولادية، لذلك يجب اختيار الدواء الأقل خطورة وضبط الجرعة بعناية خلال الحمل. بالإضافة إلى ذلك، يجب على النساء الحوامل المصابات بالصرع تناول الفيتامينات التي تساعد على تقليل خطر التشوهات الولادية، لا سيما حمض الفوليك (فيتامين ب٩).
مراقبة مستويات الأدوية:
أثناء الحمل، يحدث تغير في الوظائف الاستقلابية للجسم، مما يؤثر على مستويات الأدوية المضادة للصرع في الدم. لذلك، من المهم أن يتم إجراء تحليل الدم بشكل دوري لمراقبة هذه المستويات وضبط الجرعات وفقاً للحاجة. هذا يضمن أن الجرعة المستخدمة تظل فعّالة في منع النوبات دون تعريض الجنين للخطر.
التعارضات الدوائية
إحدى المشكلات الشائعة التي تواجهها النساء المصابات بالصرع هي التداخلات الدوائية بين أدوية الصرع ووسائل منع الحمل. بعض الأدوية المضادة للصرع قد تقلل من فعالية حبوب منع الحمل الهرمونية، مما يزيد من خطر الحمل غير المخطط له. في المقابل، قد تؤثر حبوب منع الحمل على فعالية بعض أدوية الصرع، مما يجعل التحكم في النوبات أكثر صعوبة.
نصائح حول وسائل منع الحمل:
إذا كانت المرأة ترغب في استخدام حبوب منع الحمل الهرمونية، فيجب عليها استشارة طبيب الأعصاب وطبيب النساء لاختيار الوسيلة الأنسب. قد يتم وصف جرعات أعلى من حبوب منع الحمل أو استخدام وسائل منع الحمل البديلة لتجنّب التداخلات الدوائية.
استخدام العلاج الهرموني:
بالنسبة للنساء اللاتي يعانين من مشاكل في الدورة الشهرية أو انقطاع الطمث، قد يُنصح باستخدام العلاج الهرموني. ومع ذلك، يجب أن يتم ذلك بحذر، لأن بعض الهرمونات يمكن أن تؤثر على استجابة الدماغ وتزيد من خطر النوبات. ينبغي على المرأة التي تفكر في استخدام العلاج الهرموني استشارة طبيبها لمناقشة الخيارات الآمنة وتقييم التداخلات المحتملة مع أدوية الصرع.