مرادفات: Temporal lobe epilepsy
في حوالي نصف حالات الصرع، تنشأ النوبات من الفص الصدغي للدماغ، الذي يُعتبر أحد الفصوص الأربعة الرئيسية للدماغ، ويقع على جانبي الدماغ تحت عظام الصدغ. يلعب الفص الصدغي دوراً مهماً في معالجة المعلومات الحسية، وخاصة تلك المتعلقة بالذاكرة والعواطف والسمع واللغة. وبسبب هذه الوظائف المعقدة، فإن النوبات التي تنشأ من الفص الصدغي تتميز بمجموعة متنوعة من الأعراض تختلف حسب مكان نشوئها تحديداً.
النوبات التي تنشأ في الفص الصدغي العميق
عندما تنشأ النوبات من القسم العميق للفص الصدغي، وخاصة من مناطق مثل الحُصين (hippocampus) أو اللوزة (amygdala)، يشعر المريض غالبًا بأعراض حسّية في بداية النوبة تسمى النسمة (aura).
من أمثلة تلك الأعراض الشعور بـ”سبق الرؤية” (déjà vu)، وهو إحساس غريب بأن الشخص مر بتجربة معينة سابقاً رغم أن ذلك لم يحدث بالفعل. كما يمكن أن يشعر المريض في النسمة بأنه في حالة حلم أو أن العالم من حوله يبدو غير واقعي أو مشوّشاً. بعض المرضى قد يشمون رائحة غريبة غير موجودة في الواقع. وفي بعض الحالات قد يكون هناك شعور غريب في المعدة أو الصدر (كثيراً ما يكون بشكل إحساس بالصعود أو الهبوط أو الرفرفة). وفي بعض الحالات قد يشعر المريض في بداية النوبة بالقلق أو الخوف دون سبب واضح.
بعد مرحلة الهالة، قد تتطور النوبة لتصبح أكثر وضوحاً، حيث يفقد المريض الاتصال بالواقع بشكل تدريجي. قد يبدو وكأنه غير مدرك لما يحدث من حوله، مع ضعف في الاستجابة للمؤثرات الخارجية مثل كلام الناس حوله. يظهر المريض وكأنه في حالة من الشرود الذهني، وأحيانًا يظهر في حالة من التحديق في الفراغ. في بعض الحالات، قد تترافق هذه الحالة مع حركات متكررة لا إرادية، مثل تحريك الفم كما لو كان يمضغ أو لعق الشفاه، أو قد يحرك يديه بشكل متكرر دون هدف واضح. في بعض الحالات تحدث النوبات الكبيرة (التوترية-الرمعية)، ولكن تواترها لا يكون عالياً عندما ينشأ الصرع من عمق الفص الصدغي.
النوبات التي تنشأ من القسم السطحي للفص الصدغي
في المقابل، إذا كانت النوبة تنشأ من القسم السطحي من الفص الصدغي، قد تكون الأعراض الأولية مختلفة نوعًا ما. غالبًا ما تتعلق الأعراض في هذه الحالة بالحواس، خاصة السمع، نظرًا لأن الفص الصدغي يتعامل بشكل أساسي مع معالجة المعلومات السمعية. قد يشعر المريض بـ سماع أصوات غريبة، مثل دويّ غير مفهوم أو طنين أو حتى صوت موسيقى وهمي. يمكن أن يشعر المريض بـ الدوار. وكثيراً ما تتطور النوبات إلى نوبات الكبيرة (التوترية-الرمعية).
أعراض أخرى
عندما يكون صرع الفص الصدغي مقاوماً للأدوية، فإنه كثيراً ما يترافق بأعراض أخرى، لا سيما تراجع الذاكرة، ذلك أن الفص الصدغي يلعب دورًا رئيسيًا في تخزين الذكريات واسترجاعها. كما قد يعاني المريض من الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق. في تلك الحالات، يجب مراجعة مركز متخصص بالصرع لدراسة إمكانية العلاج الجراحي.
العلاج والمتابعة
تتطلب النوبات التي تنشأ من الفص الصدغي تشخيصًا دقيقًا من قبل الأطباء. يعتمد التشخيص عادة على تخطيط الدماغ الكهربائي (EEG) لتحديد مناطق النشاط الكهربائي غير الطبيعي، إلى جانب التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لفحص بنية الدماغ.
من الضروري أن يكون التصوير على جهاز ذي دقة عالية (قوة ٣ تسلا) وباستخدام بروتوكول خاص بالتصوير يسمح برؤية القسم العميق من الفص الصدغي بشكل مفصّل. من الآفات التي يمكن أن يظهرها التصوير الحالة المسمّاة تصلّب الفص الصدغي (mesial temporal sclerosis) أو تصلّب الحصين (hippocampal sclerosis)، وهو سبب شائع نسبياً للصرع المقاوم للأدوية.
في الحالات التي لا تستجيب للأدوية، من الممكن أحياناً اللجوء إلى العلاج الجراحي لإزالة المناطق المتأثرة في الفص الصدغي. يعدّ استئصال القسم الأمامي من الفص الصدغي أكثر جراحات الصرع شيوعاً.