عند حدوث النوبة الصرعية الأولى من الضروري في البداية معرفة ما إذا كانت نوبة محرّضة أو غير محرّضة.
النوبات المحرّضة هي تلك التي يسببها اضطراب استقلابي في الجسم، كانخفاض شديد في مستوى السكر أو الصوديوم أو الكالسيوم، أو الفشل الكلوي أو الكبدي الشديدين، أو السمّية الدوائية، أو الكحول والمخدّرات. إن حدوث هذه النوبات لا يعني بالضرورة وجود مرض الصرع، إذ أنها تحدث بشكل مؤقت فقط ولا تتكرّر بعد زوال العامل المسبّب. ولذلك فلا ضرورة عادة في هذه الحالات لبدء الأدوية المضادة للصرع.
قد تنجم النوبات المحرّضة أحياناً عن أذية دماغية حادّة، مثل رضّ شديد على الرأس أو جلطة دماغية أو نزف دماغي أو التهاب جرثومي أو فيروسي في الدماغ. إن حدوث النوبات الصرعية في تلك الحالات بعد فترة قصيرة من الأذية الدماغية لا يعني بالضرورة وجود مرض الصرع، ولكن تكرارها أو حدوثها بعد فترة طويلة من حدوث الأذية الدماغية يستدعي ذلك التشخيص.
النوبات غير المحرّضة هي تلك التي تحدث دون أي من العوامل المسبّبة المذكورة أعلاه. وحتى في هذه الحالات، مع غياب العامل المحرّض، لا يعني حدوث نوبة واحدة بالضرورة إصابة المريض بالصرع. ففي كثير من الحالات ولكن ليس جميعها، تكون هذه النوبة هي الأولى والأخيرة ولا تتكرر أبداً.
عند حدوث النوبة غير المحرّضة الأولى، يجب إجراء تقييم شامل من قبل طبيب مختص بطب الأعصاب. يحاول الطبيب عادة الحصول على وصف مفصّل للحالة، وظروف حدوثها، والسوابق المرضية التي قد تُنبّئ بخطورة تكرارها. ويتم إجراء فحصين أساسيين، وهما تخطيط الدماغ الكهربائي EEG وتصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي (المرنان) MRI. يساعد هذان الفحصان الطبيب في تقصّي أسباب حدوث النوبة وتقدير احتمالات تكرارها. في حال كون المرنان والتخطيط الكهربائي طبيعيين، فإن احتمال تكرار النوبة يعتبر ضعيفاً ولا تكون هناك حاجة للأدوية المضادة للصرع. أما إذا ظهرت شحنات كهربائية زائدة على التخطيط أو ظهرت آفات دماغية على التصوير، فإن احتمال حدوث نوبات إضافية يعتبر عالياً، ويتم في هذه الحالة البدء بدواء مضاد للصرع لمنع تكرار النوبات.
في حال حدوث نوبتين غير محرّضتين أو أكثر، يصبح احتمال تكرار النوبات عالياً جداً، ويتم في هذه الحالة تشخيص مرض الصرع والبدء بالعلاج الدوائي، حتى لو كان التخطيط الكهربائي والمرنان طبيعيين.